لا يختلف اثنان على أهمية القرآن الكريم في حياتنا الإسلامية، فهو إضافة الى انه كتاب خالد ومقدس ومنهاج صادق ودليل ثابت ونبراس مضيء لا يخفت نوره حتى قيام الساعة، فهو شفاء للنفوس وبلسم مداوٍ بما يبثه في النفس البشرية من طمأنينة وسكنية.
ولكن الظاهرة المؤسفة التي باتت مسيطرة على مجتمعاتنا أن القرآن الكريم أصبح مهجوراً طيلة العام، إما للمشاغل الكثيرة التي بات يتعلل بها الناس أو لعدم الاكتراث بالأهمية العظيمة التي يمثلها هذا الكتاب الخالد وفي الحالتين فإن الإنسان هو الخاسر الوحيد.
إن عدداً ليس بقليل يكسر هذا الهجران حينما يأتي شهر رمضان الكريم وهذه خطوة مباركة لا ينكرها أحد ولكنها غير كافية لأنها تفتقد الى الاستمرارية.
فكلنا يعلم أن الأعباء اليومية لكل من الرجل والمرأة على السواء تزداد في أيام الشهر المبارك ومع ذلك يجد الاثنان منهما الوقت الكافي لقراءة القرآن وهذا للرغبة الصادقة من الطرفين في عدم مرور الشهر الفضيل بلا مناجاة صادقة مع الرب.
فما الذي يعطل هذه الرغبة في بقية الشهور الأخرى؟ وما هو العذر الذي يتذرع به هاجرو القرآن؟
إن الله في حسابه لجميع البشر مستمر على مدار العام ولا يقتصر ذلك على شهر رمضان وان كنا لا نغفل الفضل العظيم لهذا الشهر. والنبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم يقول ‘’نوروا بيوتكم بتلاوة القرآن ولا تتخذوها قبوراً كما فعلت اليهود والنصارى فإن البيت إذا كثرت فيه تلاوة القرآن كثر خيره واتسع أهله وأضاء لأهل السماء كما تضيء نجوم السماء لأهل الدنيا’’.
فأي نصيحة بعد هذه النصيحة وأي توجيه بعد هذا التوجيه، إن قراءة حرف واحد من حروف القرآن الكريم لها ما لها من الفضل والأجر العظيم فكيف بمن يرطب لسانه بترديد حروفه طيلة العام.
وفي رأيي إن قراءة صفحة أو صفحتين من القرآن يومياً لا تشكل أي عبء على الإنسان، وفي الوقت ذاته يناجي الإنسان ربه ويبقى على صلة بخالقه ومستحقاً لكلماته.
ويذكر لنا الإمام علي (عليه السلام ) فضل القرآن ويقول ‘’اعلموا أن هذا القرآن هو الناصح الذي لا يغش، والهادي الذي لا يضل والمحدث الذي لا يكذب وان البيت الذي لا يقرأ فيه القرآن ولا يذكر الله تعالى فيه تقل بركته وتهجره الملائكة وتحضره الشياطين’’.
والسؤال الذي يبقى، أما آن الأوان أن نعود للقرآن الكريم ونترك هجره وان نبقي الصلة بيننا وبين الله سبحانه وثيقة طيلة العام.